قلتُ للجَسدِ النّهرِ:
كيفَ الطّحالبُ تبْني على ضفّتيْكَ خرائبها
والضّفادعُ تَنْحازُ للماءِ,
تَسْتَوْطِنُ الزّرْقَةََ المُسْتَطيلةَ
تَحْمي سُلالاتِها من غُبارِ الشّتاتِ,
غُموضِ الزّوارقِ
لَفْحِ الحرائقِ,
عُنْوانُها الماءُ
خاصَرةُ الطّينِ سُنْدسُها,
ـ ما الذي أخذتْهُ الطّحالبُ
أو تَركتهُ الضّفادعُ من حِبرِها الدّمويِ
على ضفّتَيكْ ؟
ما الذّي ربحتْهُ من الإنتظارِ ببابكَ
والإحْتماءِ بزُخْرفِكَ المُتغَطرسِ,
غيرَ البياض بديلاً عن الخوْفِ
والجوعِ والظّلُماتْ ؟
ما الذي تَبتغيهِ الحجارةُ والكائناتْ ؟
والقواميسُ والمُفرداتْ ؟
ما الذّي تبتَغيهْ ؟
غيرَ أن تَتَلّمسَ جَوْهَرَكَ المُتوَقّدَ
تعرفَ كُنْه لآلِئِك العائمةْ.
ـ ما الذّي يُجْبرُ الطّيرَ أنْ تَتَسارعَ حتّى تَفىءَ إليكَ
لتَرْوي جفافَ حُشاشَتِها
غيرَ حكْمتكَ الأزليّةَ ـ تطفو
على سَطْحِ كَيْنونةِ الدّهْرِ
تَسْتََكْشِفُ الدّهْرَ
تعبرُ هذا السّديمَ الهُلاميّ بالبَهْجةِ الكاسِحةْ.
* * *
قلتُ للجَسَدِ النّهرِ:
كيفَ تُقاوم خوفَكَ من صَخَبِ النّبْعِ
كيف تُبَرْعمُ عيْناكَ
ـ في واحةِ الإنبثاقِ الجميلِ ـ
كواكبَ دُفْلى
يُنَمْنِمُها شَدْوُكَ العَبْقَريّ
ويُوقدُ فَرْحَتَها.
* * *
للسّنابلِ أنْ تَتَلاقحَ سيقانُها
للتّضاريسِ ألوانُها
للخَرائط رائحةُ الزّهرِ أو حُرْقَةُ العَنْدليبْ.
ــــ
الشاعر الفلسطيني عبد الناصر صالح .