( الرؤيا التصورية في ذهنية فكرة النص )
نص ( حدود الأمنيات ) للشاعر قاسم وداي الربيعي
للناقد عباس باني المالكي
حدود الأمنيات
_______________
أمنيتي (1)
عبور النهر دون بلل
حيث أجنحتي أسراب الريش
المغطاة بثورة الأرقام
أحلق على قبعات الصخر المنقوش
أبني عشا من زغب العيون
يتدحرج فيه حديث يبحث عن فجر
وسيقان تتوسد قارعة السعف البارد
أمنيتي (2(
نتسكع في بوابات العالم السفلي
نجمع نجوم الثريا كي نبذر السماء قصائد
نلوي الريح بفم الفوانيس الملقية أسفل الضاحية
هي معي .. عيونها في عيوني
شعرها يعصر الورد على قامتي
يدها تائهة بين شعاب أصابعي
نبحثُ عبثا في مراكز البوليس
عن فوضى الأظافر
أمنيتي (3(
أقيدها في أور ..
نرتدي الرمل والصحراء
نأكل قراطيس النبوءات
نستحم بالشمس حين تغريها أجسادنا
المتعرية وسط الحدقات
أمنيتي (4(
نخلع عقولنا الشرقية
ننحر الجبل دون صراخ
نتسلق سيقان الشجر الأملس دون أقدام
أغنيتنا مبلولة الوتر
نعزفها معا حين يستلقي القمر على صياح الديك
معولنا يأكل في جدار الكهف الأحمر
يمضي ونمضي ويقرض الظلام شفتيه
فتولد النغمات متعرقة من شدة الغناء
أمنيتي (5(
تعود غرناطة بلا سبي
كي أعوم بين ثكناتها رمحا عربياً
أمنيتي (6(
أبني لي عشا على شرفات دارهم
أزرع عيوني قبالة سريرها
أتدحرج على سلم الثغر
كلما أوت تجمع ضوئها
أرسل نحيبي الصامت
وأشعل في شفتي الشموع
أمنيتي (7(
تعلم بأنني أحبها حدا الثمالة
لا أجيد الرسم إلا لها
متى تبتسم لي كي يسري الدم بأوردتي
أمنيتي (8(
أضع خدي على رخامها البارد
يدثرني شتاءها القادم لمنفاي
تغسل وجهي بأصابعها النحيلة
عسى تمتلئ رئتي برائحة المدافع الحزينة
أمنيتي (9(
أجدها في البرناسس (1)
كي أشكو للشعراء ما حل بالنخلِ
وكيف استفاق على صراخِ المدى
صوت المقاهي وقصائدنا المخضبة
أمنيتي (10(
أن أصبح مطرا
أغمر وجها ، شعرها ، تنورتها
أغلق المدن بالضباب والرذاذ
أغرد لها انعكاس الليل في الشوارع
بعيدا عن قارعة الخجل
أبني برك من صفعات
أستحيل إلى ظلمة لأنها البدر
...........قاسم وداي الربيعي ....بغداد \ 2015 .................................
_____________________________________________________
(1) البرناسس .. جبل يقع في اليونان يعتقد القدماء أن أله الشعر يسكن فيه فيقصده الشعراء كي يستمد الشعر من أله الشعر مباشرة..
أن تحديد الدالة وفق مدلولها من اجل تحديد الرؤيا المعرفية للمعاني التي يريد الشاعر أن يوصلها الى المتلقي , يجب قبل هذا يجب أن نعرف أسلوبية الشاعر في كيفية بحثه عن الرموزالتي تتطابق مع تصوره الأدراكي ضمن مساحة ذاته لأن هذا يجعلنا نعرف ماذا يريد الشاعر أن يقول في نصه الذي هو مركب من رموزه الذاتية والرموز القريبة إليه في ظرفية الحياة التي حوله , وهذه طبعا ما تحدد أسلوبية الشاعر وقدرته في التخيل من أجل مطابقة كل الرموز مع الدلالات التأويلة التي يوصفها ضمن وجدانية فكرته التي تكون الرؤيا التصورية لمنهاج ذهنية فكرة النص ونجد هنا الشاعر قاسم وداي , قدرته على أيجاد الرموز المعبرة عن ذاتية فكرته الوجدانية من خلال توحده معها لكي يبني الصورة الشعرية من أجل أن يحدث التقارب الصوري مع كل هذه الرموز . لهذا نجد النص لدى الشاعر محملا بالكثير من الدلالات التأويلة لفكرته في النص لكي تعطية مساحة واسعة التي التواصل ما بين الدالة وفق مدلولها وتبقى القصيدة عند الشاعر تعتمد في تأثيرها على الأيحاء الداخلي للصورة المركبة من الحس الوجداني والتركيب الفهمي لمعنى المفردات اللغوية ...
أمنيتي (1) (عبور النهر دون بلل /حيث أجنحتي أسراب الريش /المغطاة بثورة الأرقام /أحلق على قبعات الصخر المنقوش /أبني عشا من زغب العيون /يتدحرج فيه حديث يبحث عن فجر /وسيقان تتوسد قارعة السعف البارد) والشاعر هنا يتحدث عن الرغبات التي تخزنها ذاته أتجاه الحياة وكيفية تحقيقها دون أن تلوثه هذه الرغبات لكي يحافظ على نقاء ذاته من والوسط الذي يعيش فيه أي لا يؤثر عليه ما يدور حوله , فهي يحلق على قبعات الصخر أي يحاول أن يبعد ذاته عنى المنطقة الرخوة و المغريات في ظرفية المكان الذي يعيش لأنه دائما يسعى أو يبحث عن الفجر لكي يوصل إليه دون أن يتوسد الحافات الباردة من الحياة , والشاعر هنا أستطاع أن يعبر بشكل كامل عن التردد ما بين الرغبات المدفونه داخله وبين أن يحققها ولكنه حاول أن يتمسك بشكل كامل بالطاقة الكامنه فيه لكي يحافظ على ذاته , فكل الرغبات لا تمثل إلا أسراب من الريش الذي يتطاير ولا يستقر داخله أي أنه يريد أن يعيش الأمنيات وفي نفس الوقت أن يحافظ على ذاته من الأنزلاق الى نهايتها التي يرتفع عنها أي أنه بقدر ما يمتلك هذه الأمنيات لكنه لا تغرية المغريات . وهو هنا يبين حالة الإنسانية عامه حين أن يكون الإنسان يمتلك رغبات وأمنيات لكنه لا ينساق إليها بل يحكمها بقدرته الذاتية من أجل تجنبها ولا يخضع إليها ومن أجل أن لا يتوسد قارعة السعف البارد .
أمنيتي (4(( نخلع عقولنا الشرقية /ننحر الجبل دون صراخ /نتسلق سيقان الشجر الأملس دون أقدام /أغنيتنا مبلولة الوتر /نعزفها معا حين يستلقي القمر على صياح الديك / معولنا يأكل في جدار الكهف الأحمر /يمضي ونمضي ويقرض الظلام شفتيه /فتولد النغمات متعرقة من شدة الغناء )
ويستمر الشاعر بكشف هذه الأمنيات وفق الصراع الخفي داخله أي أنه لا يعيش سوى هذه الأمنيات التي لا تغادره مع أنه لا يريد أن يقنع ذاته أن تعيشها في الواقع لهذا يستمر الصراع الداخلي يتصاعد ما بين الذات الداخليه والحياة التي تؤشر هذا الصراع من خلال هذه الأمنيات وهذا ما جعل الشاعر أن يوجد الرمز الذي يقرب الدالة الموحية بمعاني هذا التردد في أيجاد المنفذ الذي يقرب ما بين أمنياته التي يعيشها من الداخل وهنا يكشف عن صوت هذه الأمنيات ( أغنيتنا مبلولة الوتر) أي أنها لا تعطي الصوت الذي يريد أن ينشده وفق تلك الأماني التي تحرك ذاته من الداخل ونشعر أن الشاعر أستطاع أن يوظف أسلوبية الأيحاء كي يأخذ مساحة واسعة من اجل أن يحقق التأويل الدالالي الموحي بكشف كل ما داخلي أتجاه الأشياء ومسمياتها فهو مرة يتقيد بذاته ومرة يتخذ من الموضوعية التي تحكم تصوره الفهمي لكل رموز اللغة التي تطاوعه وفق مفرداتها الحية خارج سكونيتها لأن الطاقة المتحركة أتجاه رغباته تحتم عليه أن يحرك الأشياء وفقط رموزها الموحية من دالته الداخليه وتطابقها الكلي من الصراع الداخلي (معولنا يأكل في جدار الكهف الأحمر يمضي ونمضي ويقرض الظلام شفتيه /فتولد النغمات متعرقة من شدة الغناء ) و من خلال الأيحاءات الأنفعالية العاطفية للرموز أي من خلال ذاتيةالشعور ألأنفعالي التي يضيفها على الأشياء وأنعاكس هذا الأنفعال من الداخل التي تحدد أمنياته في الحياة والشاعر يرسخ الصورة الشعرية من خلال الفهم الذاتي لأنفعالة أتجاه الأشياء وحركتها الداخليه وأنعكاس هذه الحركة على المسميات الذات الحالمة بالأمنيات ...
أمنيتي (10( (أن أصبح مطرا /أغمر وجها ، شعرها ، تنورتها/أغلق المدن بالضباب والرذاذ /أغرد لها انعكاس الليل في الشوارع /بعيدا عن قارعة الخجل /أبني برك من صفعات /أستحيل إلى ظلمة لأنها البدر )
والشاعر يتحرك وفق طاقة الحلم لديه التي ترسم له حجم الأمنيات داخله فهو يحقق مدلولاته من خلال كشف هذه الأمنيات التي تمثل التراكم الفهمي لرغبته في الحياة بالشكل الذي يرغب أن يعيشه بحيث تتراكم وتتلاحق على شكل مدلولات تبني البنية السيميائية للدالة وفق أفعالها ( أغمر, أغلق , أغرد , أبني . أستحيل ) هذه كلها أفعال داخليه التي تبين حجم ما يتمنى أن يفعله لكي يوصل الى حالة التي تقضي أو تهدأ على صراعه الداخله , لأنه يبنى أفعالة كلها وفق أمنياته الداخليه والتي يؤشرها كأمنية داخليه لا فعل لها في الخارج لأن فعل الخارج يحتاج أن يشرك الداخل على تحريك الخارج ولكن الشاعر هنا لا يفعلها إلا بالأمنيات داخل حدود ذاته التي ترسم له حدود الحياة التي يتمنى أن يعيشها أي أنه لا يتحرك إلأ بالفضاء الداخلي دون أن يؤشرها كحركة للحياة الخارجية , لهذا تكون ذاته هي المنطلق للحياة التي يراه ولكن لا يستطيع أن يصل إليها بظروف تحكمه هو , والنص الشعري لدى الشاعر يهمن عليه الرؤية البصرية في فعلها الداخلي المتسامية بالرؤيا التي تحكم الذات من الداخل وفق تصورها الأنفعالي أتجاه كل الأشياء التي يريد أن يحققها لكنه يشعر بعدم القدرة أو أنه لا يريد أن يفعلها ولا يعيشها إلا كأمنية داخليه تحلم أن تجد العالم الخارجي وفق هذه الأمنيات , وبهذا تكون الرموز الذي يكونها وفق مدلولاتها الداخليه وأنعكاسها الخارجي , كما أن الشاعر أستطاع أن يستخدم لغة مقاربة بأسلوب كامل من الأيحات التي تقارب فعله الداخلي بمساحاتها التي تدل على أمنياته وفق دلالاتها النفسية التي تجكم الرؤيا لدية كحركة تمني لخلق عالم يقارب ما تمنى أن أراه في الحياة حوله دون أن يصل الى الأخفاق بهذا التمني
الشاعر أبو المعالي
04:18 مساءً
الشاعر أبو المعالي
الان سانشر المقال
ايمان مصاروة
04:18 مساءً
ايمان مصاروة
اشكرك
هما مقا