Admin Admin
المساهمات : 184 تاريخ التسجيل : 14/02/2015
| موضوع: المفارقة والوحدة الموضوعية في شعر إيمان مصاروة ...أخنت العهد أم خانتك أمنيتي ..... نموذجا الأحد يونيو 28, 2015 1:17 am | |
| المفارقة والوحدة الموضوعية في شعر إيمان مصاروة ...أخنت العهد أم خانتك أمنيتي ..... نموذجا للناقد العراقي محمد شنيشل الربيعي أخنت العهد أم خانتك أمنيتي ..... .............................................. على العَتَباتِ باكيةٌ جِراحُ الفَقدِ والذِّكرى تُردِّدُ في عَباءةِ ليلِها وجَعاً ترى في الفجرِ أُحجيةً تقضُّ الحزنَ تعصِرُه فتدمَعُ في لهيبِ الشّوقِ أنّاتي على العَتَباتِ باكيةٌ جِراحُ الفَقدِ والذِّكرى تُردِّدُ في عَباءةِ ليلِها وجَعاً ترى في الفجرِ أُحجيةً تقضُّ الحزنَ تعصِرُه فتدمَعُ في لهيبِ الشّوقِ أنّاتي أرى وحدي أَفيضُ فأختفي ألمًا بِلا قمرٍ يُوسّدُ صرختي في الصّدرِ يحضنُها بدفءِ الحبِّ والمأوى عليٌّ أيْنكَ الآنَ عليَّ أيْنني الآن على أطلالِ قصّتِنا قضيْتَ العمرَ ظمآنا ولم أعهدْكَ مُرتحِلاً يَرى في البُعدِ نِسيانا خريفي خان أضلاعي أيا مَن كنتُ نَيسانَ تركْتَ الحبَّ للأيّامِ ... للنسيانِ... للأحزانِ... تنهشُها قضيْتَ العمرَ ظمآنا ولم أعهدْكَ مُرتحِلاً يَرى في البُعدِ نِسيانا خريفي خان أضلاعي أيا مَن كنتُ نَيسانَ تركْتَ الحبَّ للأيّامِ ... للنسيانِ... للأحزانِ... تنهشُها أترحَلُ تارِكاً وجَعي على أطرافِ عِلّتِه تعالَى الفجرُ نَشوانا أَخُنتَ العهدَ أم خانتْكَ أُمنيتي هي الأطلالُ يا وَيحي تصوغُ الحزنَ أكفانا فلا موتٌ يُبادِرُني ولا عُمري به كانا أيا مَن كنتُ نَيسانَ وأَصبو في حَكايانا أَعِدْ للقلبِ بَسمتَه وهَيّئْ مَهدَكَ الآن سآتي رُغمَ أنفاسي أُعانقُ سُمَّ مَنفانا وأُنهِي بُعدَنا رغمًا فَبِي شوقٌ لِما كانا . ايمان مصاروة\\ القدس
ليس من المنطق ان تضع امام النص المعاصر اية شروط لانه قد تخلص من الشرط الاكبر هو تفاصيل القواعد الشعرية في القصيدة العمودية وبالتالي فانه قد يخرق كل القواعد والتبعية الا تبعية النظام الشعري نفسه والتي تنطلق من النظرية والعملية على اساس التمرد ووفق مباني الوجود وهما : مرحلة النظرية الشعرية المفتوحة : هي عبارة عن تحديد اتجاه المسميات داخل النص المعاصر من النص النثري الى المفتوح الى ما بعد الحداثة الى المزاوجة بين التفعيلة والمعاصرة ... هذه هي المرحلة النظرية التي يحدد مسارها كلا من النص وكاتبه , وهي التي نسمّيها بالنظرية , إذا ما حدّدنا مسمى النص فنحن عملنا داخل النظرية , وإذا لم نحدّد مسمى النص فنحن شططنا خارج النظرية , وإذا اُهمل المسمى والنظرية كان عدم تحديده خارج المعقول ، ولكن كيف ؟ يعامل النص وولادته معاملة الجنين في بطن اُمه إذ لا بد من أن نحدّد له اسما أوّلاً وكنية بما يتماشى ودوره في الحياة وبما ينسجم مع دوره في الوجود ثانية , فإذا حدّدنا حقه في الاسم فهذا يُسمّى العمل داخل النظرية , وإذا لم نحدّد حقه في الاسم فهذا يسمى العمل خارج النظرية , فالمرحلة النظرية المفتوحة إذن هو عبارة عن دوران الولادة داخل النص والولادة خارج النص وبين النص ككيان ادبي يبدأ وينتهي باللغة كمعيار مفاهيمي منطلقه الاحساس عن ذاك المملوء بالكلم والابهام ولعلّ إلقاء الضوء على القصيدة الفلسطينيّة نشأة هي تجسيد للذات الفلسطينيّة المأزومة ووعيها لمعاناتها في الداخل بعد سقوط الرمز العربيّ كمحرر إثر فشله على الساحة السياسيّة والعسكرية في الخارج . الدلالة الدينية وتحولاتها في الشعر الفلسطيني د ــ سرجون كرم يقول نقلا عن فاروق بيضون حول القصيدة الفلسطينية "قصيدة واضحة وواقعيّة، وأوضحت أسرار الحالة الراهنة، ونادت إلى التضامن، وحذّرت من بيع البلاد للمستعمرين. وقد نشأت القصيدة بطريقة عفويّة في المظاهرات والاضرابات والاشتباكات المسلّحة وتوجّهت مباشرة إلى كلّ طبقات المجتمع وخصوصاً الفلاّحين. وقد وقف شعراء هذا الجيل في الجبهة الأماميّة للصراع السياسيّ وسقط بعضهم أيضاً في الكفاح المسلّح. ومن أشهر شعراء هذه المرحلة إبراهيم طوقان من نابلس وأحد أفضل طلاّبه عبد الرحيم محمود الذي سقط إبّان حرب الـ 1948 بالقرب من الناصرة" تتقلب مفاهيم الشاعر وهو يتعامل مع اللغة كالاحساس المنقول من الواقع الى المفردة ومن المعجم الى المصطلح وتكون عبر محيط اللغة المفتوح قال الجرجاني في دلائل الاعجاز "الإحساس إدراك الشيء بإحدى الحواس ، فإن كان الإحساس للحس الظاهر فهو المشاهدات ، وإن كان للحس الباطن فهو من الوجدانيات ." وهذه من الطبائع الخاصة في متعة النص المعاصر ، وفتنة الصور الزاخرة باللون اللغوي كأنها قطع منتزعة من قلب البيئة العربية حصرا ثم أن في هذه القصيدة الممتدة بحاشية الحزن تشبه مضارب صدى الأناشيد في الثورة الخاملة ، وهكذا تختفي السمات الذاتية الخاصة بالوطن تماما وتتوحد في بودقة انصهار واحدة لحال جديد من النضال بالكلمة الى جنب البندقية لتنتشي فكرة بينهما تمثل حالتي الميلاد الجديدة والموت القديم ، الحزن القديم والامل الجدي المهم ليس هنالك يأس مطلق بقدر ما أن هنالك تفاؤل قريب دائم وقد يكون الحزن مجدباً إذا رافق الانسان كظله بل هو مميتاً وقاهراً، وهكذا تنشطر القصيدة بعد تفاصيل إلى عالمين: عالم الوجع اليومي وعالم الذكرى اليومي . ولكن هذا الانقسام والانشطار ليس مفارقة في النص وإنما هو بائن في بداية القصيدة عندما اختلط البكاء بالجرح بالوجع بالأُحجية بالحزن بالدمع ... لتخلق مصاروة معادلة مرئية للمتلقي العربي خاصة في غاية العلن والواقعية .
على العَتَباتِ باكيةٌ جِراحُ الفَقدِ والذِّكرى تُردِّدُ في عَباءةِ ليلِها وجَعاً ترى في الفجرِ أُحجيةً تقضُّ الحزنَ تعصِرُه فتدمَعُ في لهيبِ الشّوقِ أنّاتي
يقيم الشاعر العربي عامة والفلسطيتي خاصة لنفسه طقوسا خارج الخارطة الوجودية لتلك البقعة من العالم والتي تسمى الوطن العربي فهو قاريء جيد لكل الانظمة وزيف ادعائها وهذا ما حققه الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش عندما وجد في الوحدة طريق آخر للخلاص في قوله :
كم كنت وحدك، يا بْنَ أمي يا بن أكثر من أبٍ كم كنت وحدك. القمح مرٌّ في حقول الآخرين والماء مالح والغيم فولاذ، وهذا النجم جارح، وعليك أن تحيا وأن تحيا وأن تعطي مقابل حبة الزيتون جلدك كم كنت وجدك
فالوحدة هي حبكة الصيرورة في الشعر الفلسطيني والتي اصبحت قضية شعب تضاف الى قضية الاحتلال والى قضية الفرد العربي الذي يحس بغربة داخل وطنه المحتل من قبل ابناء جلدته او الاستعمار ، إيمان مصاروة تتعدى في نجدتها الدول العربية وتلتجأ الى علي وهي تكرر استفهاميتها بازدواجية الاسم الآخر فتعلن هي وعلي واحد يجمعهما استفهام واحد ، الاسم الذي يعيش معها ولا يموت بعد ان فقدت كل شيء بقي علي في وجدانها الذي، كما تستفهم عن موقع الجمع في انويتها وقضيتها التي استحالت الى قصور من الأطلال
أرى وحدي أَفيضُ فأختفي ألمًا بِلا قمرٍ يُوسّدُ صرختي في الصّدرِ يحضنُها بدفءِ الحبِّ والمأوى عليٌّ أيْنكَ الآنَ عليَّ أيْنني الآن على أطلالِ قصّتِنا
هذا التواصل يثير الحماس في المتلقي وهو يتنقل بين المفردة (المطرقة ) / الظمأ ــ الرحيل ــ البعد ــ النسيان ــ الخريف ــ الاحزان ــ النهش / وبين الذاكرة ( السندان ) التي تستقبل هذا الكم اللفظي كله من اجل ان تسود لغة الالم وتطغى على عنفوان النص من وجدة الالفاظ التي تطل من نافذة واحدة هي الترادف اللغوي المؤدي الى معان ثابتة في دلالتها ، فهذا التشابك في اللفظ قوة للاسلوب ومحاصرة لذهن المتلقي في ردهة واحدة لذا ترى سياقيةً مفتوحةً على كل المصارع فهي تنتقي من عصارة الحدث ما يتلائم وواقعية المجتمع والوضع العام الذي لن يعود نيسان فاصبح والحب في خبر كان لانه اساسا في طي النسيان والاحزان التي تنهش هذا التساؤل القديم ــ الجديد
قضيْتَ العمرَ ظمآنا ولم أعهدْكَ مُرتحِلاً يَرى في البُعدِ نِسيانا خريفي خان أضلاعي أيا مَن كنتُ نَيسانَ تركْتَ الحبَّ للأيّامِ ... للنسيانِ... للأحزانِ... تنهشُها
كم هي المسافة التي يقطعها النص الشعري ليصل الى مربط الفرس او القصدية من وراء النص ؟ لا شك ان المسافة لا تحسب بوحدة الزمن وإنما تُحسب باللغة والاسلوب ووحدة الموضوع وتلك معادلة انثيالية تحتاج من الشاعر الى الكثير من الهدوء وترتيب بيته الشعري واستحضار كل ما في الذاكرة من ترجمة لذاكرة اللامحسوس وعقد صفة المفارقة بين الجمل الشعرية من خلال اثارة الاستفهامية و"قد ينزل البعيد منزلة القريب فينادى بالهمزة إشارة إلى علوه أو قربه من النفس أو انحطاط منزلته أو عقله وشرود ذهنه وقد يدل بقرينة الحال على التحسر والإغراء في الزجر" نحو: أترحَلُ تارِكاً وجَعي / مدونة منصور عطي الالكترنية والاستفهامات المكرورة في هذه الجمل الشعرية انما هي استفهامات خرجت من مجازيتها الى حقيقيتها تدل على غرضها الأدبي والحالة النفسية للشاعرة / أيا مَن كنتُ نَيسانَ ـــــ أترحَلُ تارِكاً وجَعي ــــــ أَخُنتَ العهدَ أم خانتْكَ أُمنيتي ــــ / وهذه حقيقة ان النفس في هذا الموضع قد أُعطت سؤلها فجرت الشاعرة مصاروة الى الاطلاق في البوح والعلن عن حياة قاسية سلبت منها كل شيء الوطن وحياتها كأنثى فانشأت لها وتدا من الحزن تجذر في حياة لا موت فيها للخلاص ولا خلاص من الحزن فهي بين اطلال من الارض تشكو حالها بعد نيسان . ولكن اي اطلال تخاطب مصاروة ، والارض فيها الحياة ومعالم الحضارة ؟ هي لا تقصد الاطلال الذي عرفناه والارض القفر الا من بعض الدوارس وإنما كل ارضها ( فلسطين ) هي اطلال ما دامت بيد المحتل ، لا جمال فيها غير الذكريات وهي الاطلال التي عُدت من خوالج النفس البشرية فاستحالت الحياة برمتها الى اطلال . "ومما يؤكّد هذا قول الشّاعر نسيب عريضة: الأهل أهلي و أطلال الحمى وطني و ساكنوا الرّبع أترابي و أقراني " تطور مفهوم الوطن في الشعر العربي /صفحة الكترونية تقول إيمان مصاروة :
أترحَلُ تارِكاً وجَعي على أطرافِ عِلّتِه تعالَى الفجرُ نَشوانا أَخُنتَ العهدَ أم خانتْكَ أُمنيتي هي الأطلالُ يا وَيحي تصوغُ الحزنَ أكفانا فلا موتٌ يُبادِرُني ولا عُمري به كانا
بعد ان شُغل المتلقي بعالم من الحزن والوجع والظمأ... تعود به الشاعرة مصاروة الى الحقيقة التي لابد منها وهي العود والعود احمدُ ، لان كل الحكايات والتنبؤات تؤكد ان للتحرير ساعة قادمة لا مناص ، وعليها الاعداد من الآن بتهيئة المهد لطفلها الذي سياتي رغم كل شيء سيعود نيسان فيتحول النص الى مفارقة وأيقاظ للمتلقي على حقيقة جديدة
أيا مَن كنتُ نَيسانَ وأَصبو في حَكايانا أَعِدْ للقلبِ بَسمتَه وهَيّئْ مَهدَكَ الآن سآتي رُغمَ أنفاسي أُعانقُ سُمَّ مَنفانا وأُنهِي بُعدَنا رغمًا فَبِي شوقٌ لِما كانا
بقي لنا ان نلتفت الى صنو الموسيقى الخارجية في النص ومدركات المتلقي للقافية وهي طريقة قديمة لشد القاريء الى ما يريد ان يقوله الشاعر بمزج القافية والموسيقى فارتأت مصاروة ان تسلك هذا الطريق مع تدفق تلك الجمل وخلق حراك انفعالي مع الآخر ويعد هذا مكسبا شعريا لا ريب .
محمد شنيشل ربيعي / ناقد عراقي | |
|